Tuesday 31 July 2007

الاصلاح الادارى فى مصر والمتناقضات العشر

إن تشخيص الوضع الحالى وتحديد الأسباب الرئيسية للمشاكل، والتعرف على أبعادها وآثارها فى المستقبل وأهميتها النسبية، يدفعنا إلى أن نستعرض بعض التناقضات الأساسية التى تشوب أداء الجهاز الإدارى بالدولة

التناقض الأول

توجد العديد من الأعمال والخدمات الأساسية التى يحتاجها المجتمع بشدة ولكنها لا تؤدى على الوجه المطلوب أو قد لا تؤدى على الإطلاق، وعلى الطرف الأخر يعانى المجتمع من تضخم عدد العاملين فى أجهزة الدولة والذين لا يعملون فى المتوسط سوى لعدة دقائق فى اليوم الواحد

والأمثلة على ذلك كثيرة فنجد كثير من المصالح والجهات حكومية تكتظ بالموظفين حتى يكاد أن يستوعبهم المكان بصعوبة أو تكفيهم المكاتب أو حتى الكراسى، وبالرغم من ذلك نلاحظ ضعف إنتاجية هذه الجهات وتعطل الأعمال وطول الإجراءات، كذلك نجد أن الشوارع والطرقات بالعاصمة بل وباقى المدن تعانى من قصور شديد بسبب سوء تنظيفها وصيانتها بالرغم من تعيين الدولة لأعداد كبيرة من العمال للقيام بهذه المهمة، ونجد فى حياتنا اليومية العديد من هذه الأمثلة

التناقض الثانى

تعانى الدولة من تدنى مستوى وكفاءات العاملين بها، وبالرغم من ذلك يتحول نفس العاملين إلى كفاءات وخبرات متميزة بمجرد خروجهم للعمل فى القطاع الخاص أو فى الخارج

التناقض الثالث

ومن جهة أخرى فان عجز النظام الرسمى فى الجهاز الحكومى عن أداء الخدمة على المستوى المطلوب، أدى إلى ظهور نظام مواز غير رسمى ليقدم الخدمة بالجودة والمستوى المطلوبين والتى يعجز عن أدائها النظام الرسمى للطبقات القادرة أو لذوى النفوذ

ويمكن إيجاز هذا التناقص فيما يلى: بالرغم من ضعف مستوى الخدمات التى يقدمها الجهاز الحكومى ومعاناة الجمهور من أجل الحصول عليها طبقا للنظام الرسمى للدولة، إلا أن هناك دائما نظام مواز يكفل لفئات معينة الحصول على هذه الخدمات بالمستوى المطلوب وبدون معاناة وبدون وجه حق فى بعض الأحيان

التناقض الرابع

بالرغم من معاناة الجهاز الإدارى من كثرة الأجهزة الرقابية، وتعقد الإجراءات الحكومية بسبب تعدد الإجراءات الرقابية، إلا أننا نعانى جميعا من ظاهرة التسيب والإهمال والسرقات و إهدار المال العام

ولقد ظلت مفاهيم الرقابة الخارجية اللاحقة هى أحد المفاهيم والقيم السارية والمرادفة للإدارة الجيدة فى مصر، حتى ارتبط كل تطوير و إصلاح يقترحه مسئول بالبحث عن كيفية وضع نظم جديدة للرقابة فى مجاله، فتعددت وتعقدت نظم الرقابة، وتهرب المديرون من تحمل المسئولية، وتفنن ضعاف النفوس فى إيجاد الثغرات للنفاذ منها،

وأدت هذه المفاهيم فى كل مرة إلى أثارا عكسية، وتزداد بالتالى الحاجة إلى نظام رقابة أشد، وتتكرر السلسة وهكذا دواليك

التناقض الخامس

بالرغم من ضعف الإمكانيات المادية للدولة والحاجة إلى ضغط الإنفاق وزيادة الإيرادات نظرا للعجز فى ميزانية الدولة، نلاحظ كبر حجم الفاقد والهالك فى موارد الدولة وحتى فى المعونات الخارجية مثل

هالك نقل وتخزين المحاصيل الزراعية (القمح - الارز - وغيرها) وهالك مخلفاتها مثل قش الأرز ... ألخ

هالك الخبز

هالك المياه - هالك الكهرباء .... تضاء الشوارع نهارا

فاقد مصاريف التهانى والتعازى والحفلات

فاقد المشروعات التى تبنى وتهدم مثل جراج رمسيس

فاقد الشراء لمخزون ومعدات متراكمة منذ سنوات (بالرغم من قيمتها الدفترية بالمليارات الا ان قيمتها الفعلية الآن معدومة)

هالك رصف وحفر الشوارع والارصفة

هالك سوء تنفيذ الاعمال المدنية والانشائية واعادة تنفيذها دون محاسبة مثل محور 6اكتوبر

التناقض السابع

بالرغم من قيم التكاتف والتعاطف الاجتماعى التى تسود المجتمع المصرى حتى الآن إلا أن العلاقات الإنسانية بين الموظف العام والجمهور وصلت إلى حالة سيئة، ومن العجيب انتشار هذه الظاهرة بالرغم من تبدل الأدوار فى العديد من المواقف

التناقض الثامن

بالرغم من أن النقد الموجه إلى الجهات والأجهزة الحكومية بالبيروقراطية وتعقد النظم والقوانين واللوائح التى تحكم عملها وصعوبة تغييرها وتطويرها، إلا أن الواقع يوضح أن أسلوب العمل وكفاءة هذه الأجهزة قد تتغير تماما بتغير رئيس الجهة

التناقض التاسع

بالرغم من الانخفاض الشديد فى مستوى معيشة الموظف العام، واستمرار تناقص دخله الحقيقى من سنة لأخرى، إلا انه لم تتم دراسة جادة من قبل الدولة أو من أى طرف آخر للتعرف على الأساليب المختلفة التى يلجأ لها الموظف لتعويض هذا النقص، وآثار ذلك على الموظف وعلى كفاءة العمل الذى يؤديه

فالمشكلة الأساسية أن الموظف العام هو أشد الناس تضررا وتأثرا بعمليات الإصلاح الاقتصادى، وبالرغم من ذلك لم تناقش قبل بدء الإصلاح الاقتصادى أو أثناء تنفيذه كيف سيقوم الموظف بمواجهة هذه الآثار، بالرغم من العواقب الوخيمة التى تنتج بسبب تجاهل مثل هذه المشكلة

التناقض العاشر

بالرغم من إجماع كافة فئات الشعب وكذلك العاملين فى الجهاز الحكومى والسلطة السياسية والتشريعية على الرغبة فى التغيير والتطوير، إلا ان جهود الإصلاح والتغيير ما زالت تتعثر بطريقة واضحة حتى الآن

No comments: