Saturday 25 August 2007

تحديد النسل أم جودة النسل

تحديد النسل أم جودة النسل

نسمع كثيرا عن برامج تحديد النسل فى مصر وفى الدول النامية وسنحاول اليوم أن ننظر لها بطريقة مختلفة ونعيد التفكير فى كثير من المسلمات أو بالأحرى استسلامات تحولت الى مسلمات

أولا: يقال لنا أن تحديد النسل هو خير لنا وللبشرية كلها
لماذا؟ لأن الموارد الطبيعية تتآكل تحت ضغط الاستهلاك المتزايد للبشر

نحن نوافق على أن الموارد البشرية تتآكل ولكن هل بسبب المجتمع النامى أم بسبب المجتمع المتقدم
تقول الدراسات أن الفرد فى الولايات المتحدة يتسهلكك 200 ضعف ما يستهلكه الفرد فى المحتمعات النامية
يقال أيضا أن الانفاق فى الولايات المتحدة فى طعام الحيوانات الاليفة مثل الكلاب والقطط أكبر من ميزانية الهند
أى أن أى كلب فى الولايات المتحدة ينفق عليه فى الأكل والشرب فقط أكثر من متوسط ما ينفق على أى انسان فى دولة نامية

إذن دعنا نتسائل هل المشكلة فى عدد سكان أى دولة نامية أم فى نمط إنفاق واستهلاك الدول المتقدمة للموارد الطبيعية.

من هم أولى بتحديد النسل الذى ينفق جنيها أم الذى ينفق 200 جنيها
الدول المتقدمة يا سادة تشجع زيادة النسل مثل الدول الأوربية التى تدعم ماليا العائلات الكبيرة

هل هناك عاقل يمكنه أن يطلب من اليابان (ذات الموارد المحدودة) أن تحدد النسل

طبعا الرد الطبيعى والمتوقع ان الشخص اليابانى أو الغربى يضيف للعائد القومى أكثر مما ينفق فكل شخص يعد قيمة مضافة لمجتمعه

إذن هنا مربط الفرس فالمشكلة فى النوع وليس فى الكم

إذن المشكلة لابد أن تصاغ بطريقة مختلفة

فبدلا من أن نطالب بتحديد النسل نطالب بتجويد النسل فى التعليم والصحة والثقافة والانتاجية والابتكار

ثانيا: يقال لنا أيضاٌ أن تحديد النسل سيؤدى لزيادة الدخل

فهاهى الدول الغنية معدل الزيادة فى النسل بها محدود بينما الدول الفقية معدل الزيادة بها عال جدا
أنظر لفرنسا أو انجلترا أو ايطاليا ستجدد تعدادها لم يزد منذ عشرات السنوات وأنظر لدول افريقيا والدول النامية والى تتزايد باضطراد

ولكن نحن كمن وضع العربة أمام الحصان

هل تناقص النسل هو الذى أدى لزيادة الدخل
أم أنه عندما زاد دخل الأسرة وارتفع مستواها الصحى والثقافى والتعليمى حددت نسلها

المتغير المستقل (أى الحصان) هو مستوى العائلة وجودة العيشة والمتغير التابع (أى العربة) هو تحديد النسل وليس العكس

ثالثا: لماذا لا تنجح برامج تحديد النسل فى مصر

لأننا لا نحترم ذكاء البشر أو حتى ذكائنا
فما هى علاقة العامل أو الفلاح البسيط بالدخل القومى وميزان المدفوعات والميزان التجارى وسعر الدولار وسعر الفائدة والبورصة

ببساطة شديدية يمثل النسل للعامل أو الفلاح قيمة معنوية وقيمة مادية

العامل البسيط تصبح له عزوة وعائلة كبيرة عندما يصبح أباً لخمسة أو ستة أبناء
العامل البسيط يتضاعف دخله كلما زاد ولده

ألا تتعارض هذه القيم مع البراج المهولة فى تحديد النسل
هل فكرنا فى حل هذا التعارض

هل يعتقد أحد أن يكتب النجاح لهذه البرامج فى ظل هذا التعارض

لماذا إذن تنفق الولايات المتحدة والدول الغربية هذا الانفاق الكبير على برامج تحديد النسل وتربطه ببرامج المعونة للدول الفقيرة

الموضوع ببساطة يتوقف على فكرة الحشد Mobilization

دعنا نشرح الفكرة كالتالى: تعداد الصين أو الهند يتحاوز المليار فرد
إذن هناك على الأقل طبقا لأى معلومات احصائية بسيطة حوالى عشرة بالمائة من الاشخاص الاذكياء أو العباقرة

يعنى كده مائة مليون عبقرى أو ذكى أو متفوق لو حشدت هذه الجيوش من العباقرة لما بقى للدول المتقدمة دور تلعبه فى العالم

مصر مركز تقاطع العديد من الدوائر – الدول العربية – الدول الافريقية – الدول النامية
هذه الدوائر هى بؤرة التركيز على تحديد نسلها البكستان وبنجلادش سيصلون الى 500 مليون نسة فى خلال فترة قصيرة واندونسيا وغيرها

هذا هو الهدف الرئيسى من تحديد النسل الذى تتبناه الدول المتقدمة

رابعا: أذا كان البشر هم المصدر الرئيسى للثرة لماذ إذن لانحسن استغلالهم

طبعا كلنا نعرف عن صناعة التعدين فنحن نبحث عن الذهب ونبحث عن الحديد ونبحث عن كل الثروات الطبيعية فى باطن الأرض بل ننفق ملايين الجنيهات والدولارات للوصل الى بئر بترول أو منجم فوسفات (اخرس لايتكلم – لايفكر لابيتكر – لايملك من قدره شيئا) – ثم نفق علها الملايين لكى نعالجها أو ننقيها أو نلمعها أو نصنعها

نضع الخطط ونعمل المسح الجيوفيزقى والابحاث المعلمية والتحاليل والمعالجات المعقدة على الحاسب لكى نصل اليها – نكرم الخبراء والمتخصصين فى هذا المجال ونجزل لهم العطاء

باقى ثروة أخيرة هى البشر - فوق سطح الأرض - سهل الوصول اليهم سهل التقاهم معه– ينمون لا يتآكلون – متنوعون - هم الاساس فى الوصول الى باقى الثروات

كم من الثروات الضائعة من البشر التى بدلا من البحث عنها ندفنها – نهيل عليها التراب – نهملها – لا نبحث عنها – لا يهمنا أمرها

أين الخطط وأين المسوحات للتعرف على الذهب والحديد من البشر كيف نحسن استخدام ثروتنا بعد المعالجة والتنقية والتطوير

دعنا نتعلم من التاريخ ففى فرنسا بعد الثورة الفرنسية والقضاء على الطبقة الحاكمة والنبلاء وبعد الهوجة بدء التفكير من سيقود فرنسا بعد أن قطعنا رؤوس هؤلاء

أنشأت فرنسا المدارس العليا التى تفرز الشباب فى مسابقات بعد الانتهاء من التعليم الثانوى لتضعهم فى نظام تلعيمى خاص يهيئهم لتبؤ المناصب العليا – نابليون بوانبرات أصبح ماريشال وهو فى الثلاثين من عهره

ونحن يكفينا التعليم الخاص والجامعات الخاصة واللى يدفع يتعلم أو بالأحرى يأخذ شهادة ويقود بعد كده







No comments: